الاثنين، فبراير 14، 2011

زنجبار.. تاريخ عربي يستصرخ المسلمين






من البلاد التي أصبحت منسية في ذاكرة المسلمين اليوم ، تأتي دولة زنجبار ، والتي لا تزال تدافع عن اسمها العربي ، والوجود الإسلامي بها ، رغم حملات التنصير ، وما يتعرض له سكانها من فقر واستشراق بشكل كبير، حتى أضحت تستصرخ العرب والمسلمين.
وإذا هذه الديار الواقعة في شرق أفريقيا ، قد أصبحت اليوم تتخذ البعد الأفريقي ، فان حضورها العربي ، لا يزال حاضرا ، وهويتها الإسلامية ، لا تزال باقية ، حيث يعتبر جل سكانها من المسلمين بنسبة تصل إلى 90 % . وعلى الرغم من ذلك ، فإنها تبدو ونتيجة للتحديات السابقة وكأن سكانها من المسلمين هم الأقلية، وما عداهم هم الأغلبية!

هذه البلاد ، ونتيجة للفقر المدقع الذي يعانيه سكانها المسلمون، ويكاد ينخر في أجسادهم ، أصبح أحد العوامل الرئيسة لتغيير الدين، بل والحرب عليه ، بفعل حملات التنصير التي تشهدها البلاد، والتي تتخذ مع تنزانيا حكما فيدراليا، تتمتع فيه الأخيرة ، بكل مقدرات الأولى، فضلا عن استحواذها على النصيب الأكبر من المقاعد السيادية في الحكومة الائتلافية.

وعلى هذا النحو ، يعيش سكان زنجبار من المسلمين في هذه البلاد التي دخلها الإسلام منذ القرن الأول الهجري، وحكمها العرب العمانيون قرابة ألف عام، إلى أن كانت المجزرة ، التي وقعت في العام 1965 ، وكانت بمثابة إسقاط للحكم العربي بها ، ومحو الوجود العماني ، الذي كان يتمتع بسدة الحكم، حتى كانت هذه الحرب على اللون والهوية والديانة ، فراح ضحية هذه المجزرة قرابة 10 آلاف من المسلمين .
وعلى الرغم من هذه الثورة الدموية بأرض الإسلام ، إلا أن ما لاحظه موقع "المسلم" في زيارته لهذه البلاد ، أنه على الرغم من كل هذه الدماء التي وقعت على أرض الإسلام بزبجبار ، فان الوجود الإسلامي لا يزال حاضرا ، والسمت العربي قائما ، وإن نازعه التنصير ، وإن طارده الاستشراق ، وإن قاومته روح التخلف والجهالة ، بعد انتشار مذاهب كثيرة, منها يخالف أهل السنة والجماعة.

هذه البلاد يعتبرها المؤرخون البوابة الشرقية لأفريقيا، في الوقت الذي يطلق عليها السائحون بستان أفريقيا الشرقية، من جمال طبيعتها، وتمتعها بجزر طبيعية أخاذة ، تبهر العقول، وتلفت إليها الأنظار.
لذلك كانت حمم التنصير تنهمر عليها ، وبراكين الاستشراق تنهل منها ، للدرجة التي جعلت كثير من الدارسين الأجانب يتخذون من البلاد موطن إقامة لهم ، يدرسون بها ، ويعكفون فيها على دراسة تأريخ هذه البلاد ، وطبيعتها الخلابة، في الوقت الذي كان يرافق ذلك التنصير ، وأدواته الفتاكة.
ونتيجة للفقر الذي يعانيه أهل هذا البلاد ، وغياب الوعي الديني – إلا من قليل منهم- فكثيرا ما استخدم التنصير معاوله ضد المسلمين، تارة للتلويح بالمال ، فيدفع المسلمات إلى بيع أنفسهن جراء مبالغ زهيدة ، وتارة أخرى يدفع بأدوات استشراقية، مستغلا الفهم المحدود عن الإسلام ، وغياب الوعي لدى أبناء البلاد.

التنصير والاستشراق
هذه الحركات التنصيرية لم تكن وليدة العقد الأخير وفقط، بل مهدت لها الثورة الدموية ، التي وقعت في البلاد في العام 1964، كمحاولة لإسقاط الحكم العربي بها، حتى بدأت مخالب الاستشراق تتوغل في أوصال العقل المسلم ، والفقر يسري في أجساد السكان العرب.
وكان من نتيجة ذلك أن تمت السيطرة على ثروات البلاد ، وترافق مع ذلك كله محاولات لنشر اللغة الإنجليزية في الخفاء – على الرغم من كونها ليست اللغة الأصلية للسكان لتحدثهم بالسواحيلية- وتدريسها لأبناء العرب والمسلمين وتشجيع الطلاب على الحديث بها ، ما جعل جيل العرب يصفون هذه الفترة وتداعياتها إلى اليوم بأنها حقبة استعمارية ، استهدفت محو هويتهم ، ومسخ تأريخهم.
ولذلك فان محاولات محو الهوية العربية والإسلامية تسير على نطاق واسع في هذه البلاد، للدرجة التي جعلت البعض من الأفارقة بها ينفر من العرب والمسلمين، فضلا عما يساندهم من محاولات تطهير عرقي تتبعها حكومة تنزانيا ، وهو ما كان نتيجته أن خلت الحكومة القائمة من أي تمثيل عربي، في الوقت الذي تمتعت فيه جميع الأعراق في البلاد بهذا التمثيل .

وكان من التداعيات أيضا مسخ الهوية ، ومحو التأريخ العربي والإسلامي في زنجبار ، حيث تم إطلاق اسم "زنزبار" على البلاد، بعدما كانت معروفة لأهلها وغيرهم باسم زنجبار.
ولذلك، فانه ما لم يتحرك العالم العربي والإسلامي ومنظماته المختلفة لنصرة سكان هذه البلاد من المسلمين والعرب ، فان هذه البلاد – التي امتد الحكم العربي والإسلامي فيها من الصومال إلى موزمبيق- ستظل مهددة في وجودها ، بعدما نجح أذناب الاستعمار في تسييد اللغة السواحيلية ، ومحاولات نشر الانجليزية، مقابل تهديد تأريخ اللغة العربية الطويل الممتد لظهور الإسلام.

دور الاستعمار
وبخلفية تاريخية ، فانه على الرغم من جذور الحكم العربي بهذه البلاد – حيث كان الحكم العماني نقطة ارتكازه- فان الخلافات التي كثيرا ما كانت تدب بين القبائل العمانية ، والتي وصلت إلى حد الاقتتال من أجل الحكم، أن أذناب الاستعمار من الأفارقة استغلوا هذه الخلافات ، وأقاموا ثورتهم العنصرية ضد الحكم العربي، ونجحوا في إسقاطه .
والواقع ، فانه بعد انهيار الحكم البرتغالي لساحل شرق أفريقيا دانت زنجبار للحكم العماني ، وتعاقب على حكمها أحد عشر سلطانا عمانيا من أسرة البوسعيدي، كان أهمهم السلطان سعيد الأكبر، الذي أدخل زراعة القرنفل للجزيرة في أوائل العام 1800، ما أدى إلى ازدهار الحالة الاقتصادية في البلاد.

وفي العام 1875، عقد السلطان برقاش معاهدة مع انجلترا ، بموجبها أصبحت البلاد محمية بريطانية، دون انقطاع للسيادة العربية – وتحديدا العمانية- حتى حصلت البلاد على استقلالها الرسمي في 10 ديسمبر 1963.
وعلى الرغم من ذلك ، حرصت بريطانيا على تزكية الخلاف بين حكام البلاد ، حتى اندلعت الثورة ضدهم من الأفارقة في يناير 1964 ، واستمرت ما تم إطلاق عليه "ثورة" أربعة أيام ، كان يتم خلالها تصفية أي شخص عربي او مسلم ، حتى تم الاستيلاء على مزارع وممتلكات العرب والهنود المسلمين في البلاد.
ووقتها تم إعلان زنجبار جمهورية برئاسة "عبيد كرومي"، واعترف بها غداة هذا التحول عدة دول ، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أن أعلنت الاتحاد مع تنزانيا تاليا ، ليتم تشكيل حكومة كونفيدرالية .
وعلى الرغم من الطغمة الحاكمة التي سعت إلى إغراق أمهات الكتب العربية في المياه ، إلا أنها لم تنجح في محو تأريخ البلاد ، الذي سيظل مسجلا بأحرف من نور ، ليؤكد أن الإسلام مر بهذه البلاد ، وأن جل سكانها لا يزالون يدينون به ، على الرغم من كافة المحاولات المبذولة ، للنيل من عقيدتهم وتاريخهم ولغتهم وهويتهم.

ولذلك يصرخ سكان بلاد زنجبار متمنين على العرب والمسلمين أن يهبوا لنصرتهم . مذكرين إياهم بأنه إذا كانت فلسطين والعراق واقعتين تحت احتلال مباشر، فان زنجبار ، تئن من احتلال آخر، ولكنه غير مباشر.


ليست هناك تعليقات: